{أَمْ يَقُولُونَ تَقَوَّلَهُ} أي: يخلق القرآن من تلقاء نفسه، والتقول، تكلف القول، ولا يستعمل إلا في الكذب، ليس الأمر كما زعموا، {بَلْ لا يُؤْمِنُونَ} بالقرآن استكبارًا. ثم ألزمهم الحجة فقال: {فَلْيَأْتُوا بِحَدِيثٍ مِثْلِهِ}، أي: مثل القرآن ونظمه وحسن بيانه، {إِنْ كَانُوا صَادِقِينَ} أن محمدًا يقوله من قِبَل نفسه.{أَمْ خُلِقُوا مِنْ غَيْرِ شَيْءٍ} قال ابن عباس: من غير رَبٍّ، ومعناه: أَخُلقوا من غير شيء خلقهم فوجدوا بلا خالق؟ وذلك مما لا يجوز أن يكون، لأن تعلق الخلق بالخالق من ضرورة الاسم، فإن أنكروا الخالق لم يجز أن يوجدوا بلا خالق، {أَمْ هُمُ الْخَالِقُونَ} لأنفسهم وذلك في البطلان أشد، لأن ما لا وجود له كيف يخلق؟فإذا بطل الوجهان قامت الحجة عليهم بأن لهم خالقًا فليؤمنوا به، ذكر هذا المعنى أبو سليمان الخطابي.وقال الزجَّاج: معناه: أخلقوا باطلا لا يحاسبون ولا يؤمرون؟ وقال ابن كيسان: أخلقوا عبثًا وتركوا سدى لا يؤمرون ولا ينهون، فهو كقول القائل: فعلت كذا وكذا من غير شيء أي: لغير شيء، أم هم الخالقون لأنفسهم فلا يجب عليهم لله أمر؟{أَمْ خَلَقُوا السَّمَاوَاتِ وَالأرْض} فيكونوا هم الخالقين، ليس الأمر كذلك، {بَل لا يُوقِنُونَ}.{أَمْ عِنْدَهُمْ خَزَائِنُ رَبِّكَ} قال عكرمة: يعني النبوة. قال مقاتل: أبأيديهم مفاتيح ربك بالرسالة فيضعونها حيث شاؤوا؟ قال الكلبي: خزائن المطر والرزق، {أَمْ هُمُ الْمُسَيْطِرُونَ} المسلطون الجبارون، قال عطاء: أرباب قاهرون فلا يكونوا تحت أمر ونهي، يفعلون ما شاؤوا. ويجوز بالسين والصاد جميعًا، قرأ ابن عامر بالسين هاهنا وقوله: {بمسيطر}، وقرأ حمزة بإشمام الزاي فيهما، وقرأ ابن كثير هاهنا بالسين و{بمصيطر} بالصاد، وقرأ الآخرون بالصاد فيهما.